لا تزال الحضارة المصرية القديمة محط اهتمام الكثيرين. ومؤخرًا، تداولت بعض الصفحات على منصات التواصل الاجتماعي منشور زعم أنّ قناع الملك المصري القديم توت عنخ آمون يحمل نقشًا بالهيروغليفية تقول: إن "القوة تفتح أجنحتها لمن يستحقها والموت يفرد جناحيه لكل جبان".
وأرفق المنشور بصورة لقناع توت عنخ آمون المصنوع من الذهب الخالص والموجود في المتحف المصري في القاهرة. ووُصف القناع بأنه "عبارة عن ذهب خالص ونوعه نادر وهو مرصّع بالأحجار الكريمة منها نادرة الوجود ومنها لم تعد موجودة على الأرض".
ويُعد توت عنخ أمون المعروف بلقب الملك الطفل من أشهر الملوك في تاريخ مصر الفرعوني وقد توفي في العام 1324 قبل الميلاد وهو في التاسعة عشرة من عمره بعدما أمضى تسع سنوات فقط في الحكم.
معلومات مضلّلة
لكن هذا الادعاء لا صحّة له، وفقًا لما أكد خبيران في علم المصريات لوكالة "فرانس برس". فالجملة التي تدعي المنشورات أنها مكتوبة على قناع توت عنخ أمون غير موجودة أساسًا.
وقال عالم الآثار المصري زاهي حواس، الذي شغل في السابق منصب وزير الدولة لشؤون الآثار المصرية: إن عبارة "القوة تفتح أجنحتها لمن يستحقها والموت يفرد جناحيه لكل جبان" لم تنقش على قناع توت عنخ آمون على الإطلاق، ووصف الادعاءات بأنها "هراء".
وقد أصدر حواس أكثر من 15 كتابًا عن أسرار توت عنخ أمون منها كتابه الذي حمل عنوان "اكتشاف توت عنخ آمون".
ماذا نُقش على قناع توت عنخ آمون؟
وأوضح حواس أنه نُقش على جانبي قناع توت عنخ آمون الخلفيين مجموعة من النقوش الهيروغليفيّة وهي مستمدة من كتاب "الخروج في النهار"، وبالتحديد النص رقم 151 منه.
وهو ما يؤكده عالم مصريات ومدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية ومؤلف كتاب "أسرار الفرعون الذهبي توت عنخ آمون"، حسين عبد البصير. ويشدّد أن الجملة التي يدّعي مستخدمون أنها موجودة على القناع هي من نسج خيال ناشريها، ولا يحمل القناع هذه العبارة.
ويوضح عبد البصير أن قدماء المصريين كان لديهم بعض الممارسات الجنائزية التي كانوا يؤمنون بأهميتها لضمان خلودهم بعد الموت، ومنها الأقنعة، والتي كانت تستخدم لتغطية وجه المومياوات والتأكد من قدرة روح الميت على التعرف على الجسد.
ويتفق الخبيران حواس وعبد البصير على أن النقوش الموجودة على القناع من الخلف هي النص رقم 151 من كتاب "الخروج في النهار" المشهور باسم كتاب الموتى.
وينسب هذا النصّ كلّ عضو من أعضاء وجه الميت إلى إله، من أجل ضمان الحماية الإلهية الكاملة للمتوف، بحسب الخبيرين. ويشيران إلى أنّ الكتابة منقسمة على ظهر القناع إلى جزأين، الجزء الأول يقع على يمين القناع من الخلف، والجزء الثاني على يساره.
القناع مزيّن بأحجار "موجودة ومعروفة"
وبشأن الادعاء الذي تطرّقت إليه المنشورات والذي يتحدّث عن أحجار كريمة منها ما هو نادر الوجود وأخرى لم تعد موجودة على الأرض" فيقول عبد البصير: "هذا الادعاء مبالغ به".
ويوضح أنّ القناع مصنوع من الذهب والأحجار الكريمة مثل العقيق والكوارتز واللازورد والزجاج الملوّن، ويشرح كلّ الأحجار التي زيّنت القناع موجودة ومعروفة.
ويضيف: "كلّ هذا لا ينفي أن دقة التمثال والاتقان في صنعه شهادة لبراعة الفنان المصري القديم".