الجمعة 17 مايو / مايو 2024

وسط الحراك الطلابي.. ما أهداف مشروع قانون "معاداة السامية" الأميركي؟

وسط الحراك الطلابي.. ما أهداف مشروع قانون "معاداة السامية" الأميركي؟

Changed

الكونغرس يقر "مشروع قانون التوعية بمعاداة السامية" على وقع الاحتجاجات الطلابية
الكونغرس يقر "مشروع قانون التوعية بمعاداة السامية" على وقع الاحتجاجات الطلابية - غيتي
يرى كثيرون أن محاولات إقرار "مشروع قانون معاداة السامية" تستهدف وأد حرية التعبير في الجامعات التي تشهد حراكًا أشبه بانتفاضة ضد جرائم إسرائيل.

أقرّ الكونغرس الأميركي بالأغلبية "مشروع قانون التوعية بمعاداة السامية"، في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة حراكًا جامعيًا متصاعدًا ضد جرائم الاحتلال في غزة.

وبينما يرى مؤيدو المشروع أنه يتيح التصدي لمعاداة السامية بالمؤسسات التعليمية، يحذّر معارضوه من تداعياته على قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

وأد حرية التعبير في جامعات أميركا

في التفاصيل، فقد مرر مجلس النواب الأميركي بالأغلبية "مشروع قانون التوعية بمعاداة السامية"، الذي ينتظر الآن تصديقًا من مجلس الشيوخ والبيت الأبيض.

واعتمد هذا القانون تعريف "معاداة السامية" كما اقترحه ما يعرف بالتحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، وتعني "تصورًا معينًا لليهود يمكن أن يتجلى في كراهية تجاههم".

ويقول مؤيدو المشروع إنه يُتيح التصدي لمعاداة السامية في المؤسسات التعليمية الأميركية، ويطلب من وزارة التعليم استخدام التعريف الصهيوني في سبيل ذلك.

في المقابل، يرى منتقدوه بأنه يقيد المفاهيم الديمقراطية وحرية التعبير المكفولة بالدستور، كما يهدف إلى حظر انتقاد إسرائيل بشكل كلي.

وحظر الانتقاد هذا للمفارقة، لا يحظره ما يعرف بالتحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، الذي استلهم منه المشروع الجديد للقانون.

ويرى كثيرون بشكل مباشر أن المحاولات الحثيثة لإقرار القانون تستهدف وأد حرية التعبير في الجامعات الأميركية التي تشهد حراكًا أشبه بانتفاضة ضد الجرائم الإسرائيلية في غزة أو أي ميادين أخرى تنتقد إسرائيل.

ويمهد مشروع القانون بشكل مباشر، لمساواة معاداة السامية بانتقاد سياسة الحكومة الإسرائيلية.

توقيت إقرار القانون 

متابعةً لهذا الموضوع، يزعم البروفيسور ريتشارد تشاشدي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، أن الولايات المتحدة تشهد انتقادات ضد إسرائيل هي في جلها معاداة للسامية.

ويضيف في حديث مع "العربي" من واشنطن أن مشروع القانون يهدف إلى محاولة تعريف معاداة السامية، ووضع مبادئ توجيهية لوكالات إنفاذ القانون وغيرهم للتصدي لانتهاكات مدونة السلوك.

ويشرح تشاشدي في هذا السياق أن مشروع القانون الجديد يأتي في وقت يوجد فيه مدونات سلوك مختلفة على نحو عام، خاصة تلك المتعلقة بمناطق معينة أو بالجامعات، والتي قد تتعارض في بعض الأحيان مع بعضها البعض.

الاحتجاجات في الجامعات الأميركية مستمرة رغم التضييق الأمني - غيتي
الاحتجاجات في الجامعات الأميركية مستمرة رغم التضييق الأمني - غيتي

وعلى سبيل المثال، هناك في واشنطن خطابات عدائية في الاحتجاجات يرتقي الكثير منها إلى مستوى معاداة السامية، بحسب ادعاء الأستاذ في جامعة جورج تاون.

فوفقًا لوجهة نظر تشاشدي، فإن القول بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة "ما زال سابقًا لأوانه لأن محكمة العدل الدولية لا يزال يتعين عليها البت في الأمر".

وعلى الرغم من إقراره بوجود انتهاكات إسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين، إلا أن الأستاذ الجامعي يعتقد أنه "يجب علينا أن نفصل بين الإبادة الجماعية التي لها تعريف خاص وفقًا لمعاهدة منع الإبادة الجماعية، والجرائم الأخرى ضد الإنسانية التي يتم النقاش بشأنها".

كذلك، يستشهد تشاشدي باستخدام عبارة "من النهر إلى البحر فلسطين يجب أن تكون حرة"، ويربطها بأن إطلاق هذه الهتافات تدعو إلى تفكيك دولة إسرائيل برمتها "وهذا بالنسبة للكثيرين يرتقي لمستوى الطلب بالإبادة الجماعية وتفكيك دولة قومية معترف بها في الأمم المتحدة".

التضييق على منتقدي إسرائيل

بدوره، يتطرق مارك لانس، الأستاذ في قسم الفلسفة وبرنامج دراسات العدالة في جامعة جورج تاون، إلى التضييق على منتقدي إسرائيل، مشددًا على أن انتقاد دولة لا يعني بالضرورة انتقاد الشعب، وهناك فصل واضح بين الأمرين.

ويؤكد لانس في هذا السياق أن الأمر واضح، وإذا كان هناك شك في ذلك، "لما كانت قيادة الحركة مدعومة من قبل منظمات يهودية، بما في ذلك منظمة اليهود من أجل السلام التي تلعب دورًا أساسيًا في معارضة الحصار على غزة والفصل العنصري".

ولذلك، فإن المطالبة بوقف الأعمال العدائية والإبادة ليس معاداة للسامية وفقًا للانس، الذي يلفت إلى أن معظم المشاركين في الاعتصامات بالولايات المتحدة يلتزمون بالمبادئ، مع وجود بعض الأشخاص الذين يخرجون عن السرب على حد وصفه.

أما بالنسبة لجملة "من النهر إلى البحر"، فتنتمي وفقًا لتفسير الأستاذ الجامعي إلى ميثاق "الليكود" الذي يقول أن إسرائيل يجب أن تمتد من النهر إلى البحر، ويتابع أنه "تم الحديث عن هذا الأمر لدى الداعمين لفلسطين في إطار المطالبة بالحرية وحل الدولتين".

وعليه، يفسر لانس أن هذه الجملة لا تدعو إلى قتل الآخرين، وأن "ربطها بذلك أمر عبثي".

ازدواجية المعايير

أما عبدالمجيد مراري، مسؤول قسم الشرق الأوسط في منظمة إفدي الدولية لحقوق الإنسان، فيعتقد أنه ما دامت الولايات المتحدة الأميركية تتربع على عرش الدول العظمى وتتحكم في المؤسسات الدولية فستبقى ازدواجية المعايير.

فبينما ترى واشنطن أن ما يقوم به بوتين في أوكرانيا شر مطلق، تتهم المطالبين بوقف العدوان على غزة بمعاداة السامية. وفي هذا الصدد يشير مراري إلى مسارعة أميركا لتهيئ قانون ضد معاداة السامية بينما تتحاشى الحديث عن الجريمة ضد الإنسانية في غزة.

ويضيف مراري من باريس: "للأسف الشديد ما يحصل هو ازدواجية معايير، فضلًا عن كون هذا القانون إجهاز على مبدأ أساسي في الاتفاقية الأميركية لحقوق الإنسان.. التي تكفل حرية الرأي والتعبير وتنظيم التجمعات".

وفي الختام، يصف مراري مسؤول قسم الشرق الأوسط في منظمة إفدي الدولية لحقوق الإنسان خطوة الكونغرس بمحاولة تكميم الأفواه عبر التعريف الفضفاض لمعاداة السامية في مشروع القانون، وذلك بهدف إفلات الاحتلال الإسرائيلي من العقاب.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close